الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ,، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَالِمُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضي الله عنه انْطَلَقَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي رَهْطٍ قِبَلَ ابْنِ صَيَّادٍ حَتَّى وَجَدَهُ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ وَقَدْ قَارَبَ ابْنُ صَيَّادٍ يَوْمَئِذٍ الْحُلُمَ فَلَمْ يَشْعُرْ حَتَّى ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِيَدِهِ, ثُمَّ قَالَ: رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنُ صَيَّادٍ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم؟ فَنَظَرَ إلَيْهِ ابْنُ صَيَّادٍ فَقَالَ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟, قَالَ: فَرَفَصَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ آمَنْتُ بِاَللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرُسُلِهِ, ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَاذَا تَرَى؟ قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ أَنَا بَيْنَ صَادِقٍ وَكَاذِبٍ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَلَطَ عَلَيْك الأَمْرُ, ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنِّي خَبَّأْت لَك خَبِيئًا قَالَ ابْنُ صَيَّادٍ هُوَ الدُّخُّ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَك فَقَالَ لَهُ عُمَرُ ائْذَنْ لِي فِيهِ يَا رَسُولَ اللهِ أَضْرِبْ عُنُقَهُ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنْ يَكُنْ هُوَ فَلَنْ تُسَلَّطَ عَلَيْهِ, وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ فَلاَ خَيْرَ لَك فِي قَتْلِهِ. حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ اللهِ بْنُ رَاشِدٍ أَبُو زُرْعَةَ،قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ سَعْدِ بْنِ إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي عَنْ صَالِحٍ, وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَحَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ إِسْحَاقَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ جُمَيْعٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَتَى ابْنَ صَيَّادٍ, وَهُوَ يَلْعَبُ مَعَ الصِّبْيَانِ فَقَالَ: أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ وَيَقُولُ ابْنُ صَيَّادٍ أَتَشْهَدُ أَنِّي رَسُولُ اللهِ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنِّي قَدْ خَبَّأْت لَك خَبِيئَةً قَالَ مَا هَذَا؟ قَالَ: الدُّخّ قَالَ: اخْسَأْ فَلَنْ تَعْدُوَ قَدْرَك. قَالَ: فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ كَشَفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ صَيَّادٍ, وَلَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ عَنْ شَهَادَتِهِ لَهُ صلى الله عليه وسلم بِالرِّسَالَةِ مِنْ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَوْ شَهِدَ بِهَا اسْتَحَقَّ بِشَهَادَتِهِ بِهَا الإِيمَانَ, وَلَوْلاَ أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ لَمَا كَانَ لِكَشْفِهِ إيَّاهُ عَنْ ذَلِكَ مَعْنًى, وَفِيمَا ذَكَرْنَا مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ إسْلاَمَ مِثْلِهِ مِنْ الصِّبْيَانِ يَكُونُ إسْلاَمًا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ وَهْبٍ قَالَ: ثني عَمِّي عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَوْفٍ عَنْ عِيَاضِ بْنِ مُسَافِعٍ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ أَخِي زِيَادٍ لِأُمِّهِ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرَةَ أَكْثَرَ النَّاسُ فِي شَأْنِ مُسَيْلِمَةَ الْكَذَّابِ قَبْلَ أَنْ يَقُولَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهِ شَيْئًا, ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي النَّاسِ ثَانِيًا عَلَى اللهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ, ثُمَّ قَالَ أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّ شَأْنَ هَذَا الرَّجُلِ الَّذِي قَدْ أَكْثَرْتُمْ فِي شَأْنِهِ فَإِنَّهُ كَذَّابٌ مِنْ ثَلاَثِينَ كَذَّابًا يَخْرُجُونَ قَبْلَ الدَّجَّالِ, وَإِنَّهُ لَيْسَ بَلَدٌ إِلاَّ يَدْخُلُهُ رُعْبُ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ إِلاَّ الْمَدِينَةَ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْ أَنْقَابِهَا يَوْمَئِذٍ مَلَكَانِ يَذُبَّانِ عَنْهَا رُعْبَ الْمَسِيحِ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ قَالَ فِي مُسَيْلِمَةَ: إنَّهُ كَذَّابٌ مِنْ ثَلاَثِينَ كَذَّابًا يَخْرُجُونَ قَبْلَ الدَّجَّالِ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثُونَ الْكَذَّابُونَ الَّذِينَ مِنْهُمْ مُسَيْلِمَةُ دَجَّالِينَ, وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونُوا كَذَّابِينَ, وَلَيْسُوا دَجَّالِينَ. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَوَجَدْنَا مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيِّ بْنِ دَاوُد قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ عَرْعَرَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ قَالَ: قَرَأْت فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ, وَلَمْ أَسْمَعْهُ مِنْهُ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِي مَعْشَرٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ هَمَّامٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ فِي أُمَّتِي كَذَّابُونَ دَجَّالُونَ سَبْعَةٌ وَعِشْرُونَ فِيهِمْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَإِنِّي خَاتَمُ النَّبِيِّينَ لاَ نَبِيَّ بَعْدِي. وَوَجَدْنَا أَحْمَدَ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمِّي قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الْمَعَافِرِيُّ قَالَ: سَمِعْت شَرَاحِيلَ بْنَ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيَّ يَقُولُ: حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ: سَمِعْت أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَكُونُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ يَأْتُونَ مِنْ الأَحَادِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا بِهِ أَنْتُمْ, وَلاَ آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ, وَإِيَّاهُمْ لاَ يَفْتِنُونَكُمْ, وَلاَ يُضِلُّونَكُمْ. وَوَجَدْنَا إبْرَاهِيمَ بْنَ مَرْزُوقٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبَّادٍ الْعَبْدِيِّ قَالَ: خَطَبَنَا سَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ فَحَدَّثَنَا فِي خُطْبَتِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: لَنْ تَقُومَ السَّاعَةُ حَتَّى يَخْرُجَ ثَلاَثُونَ دَجَّالاً كَذَّابًا كُلُّهُمْ يَكْذِبُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم آخِرُهُمْ الأَعْوَرُ الدَّجَالُ مَمْسُوحُ الْعَيْنِ الْيُمْنَى كَأَنَّهَا عَيْنُ أَبِي تَحْيَا. وَوَجَدْنَا حُسَيْنَ بْنَ نَصْرٍ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَسْوَدِ بْنِ قَيْسٍ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. فَكَانَ فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ مَا فِيهَا مِمَّا ذَكَرْنَاهُ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ هَؤُلاَءِ الثَّلاَثُونَ الْمَذْكُورُونَ فِيهَا هُمْ الثَّلاَثُونَ الْمَذْكُورُونَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ, فَيَكُونُ قَدْ اجْتَمَعَ فِيهِمْ الأَمْرَانِ جَمِيعًا, وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ الَّذِينَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى دَجَّالِينَ كَذَّابِينَ, وَاَلَّذِينَ فِي حَدِيثِ أَبِي بَكْرَةَ عَلَى كَذَّابِينَ لَيْسُوا دَجَّالِينَ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِحَقِيقَةِ الأَمْرِ فِي ذَلِكَ. فَقَالَ قَائِلٌ: هُمْ صِنْفٌ وَاحِدٌ, وَسُمِّيَ الْكَذَّابُونَ دَجَّالِينَ; لأَنَّهُمْ فِي كَذِبِهِمْ الَّذِي يُعْرَفُونَ بِهِ كَالدَّجَّالِ فِي كَذِبِهِ الَّذِي يُعْرَفُ بِهِ. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي قَالَهُ مِنْ ذَلِكَ مُسْتَحِيلٌ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ،; لأَنَّ الْكَذَّابِينَ الْمَذْكُورِينَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي ذُكِرُوا فِيهِ لَوْ كَانُوا كَمَا ذُكِرَ لَمَا ذُكِرَ لَهُمْ عَدَدٌ يَحْصُرُهُمْ; لأَنَّ مَنْ يَكُون مِنْ الْكَذَّابِينَ فِي النَّاسِ فِي الْمُسْتَأْنَفِ, وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ قَبْلَهُمْ بَعْدَ أَنْ قَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هَذَا الْقَوْلَ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْ ثَلاَثِينَ, وَإِذَا انْتَفَى ذَلِكَ كَانَ فِي الْحَقِيقَةِ خِلاَفَ الدَّجَّالِ الأَعْوَرِ وَكَانَ هَذَا الاِسْمُ أَعْنِي الدَّجَّالَ غَيْرَ مُشْتَقٍّ مِنْ شَيْءٍ; لأَنَّهُ لَوْ كَانَ مُشْتَقًّا مِمَّا قَدْ ذَكَرَ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ اُشْتُقَّ مِنْ الدَّجْلِ, وَهُوَ السُّرْعَةُ فِي السَّيْرِ لَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ مُسْرِعٍ فِي سَيْرِهِ دَجَّالاً, وَلَمَّا بَطَلَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ كَذَلِكَ, وَكَانَ مِنْ غَيْرِ الأَسْمَاءِ الْمُشْتَقَّةِ مِنْ شَيْءٍ كَانَ صِنْفًا لَهُ الْعَدَدُ الَّذِي ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَكَانَ مُحْتَمِلاً مَا قَدْ ذَكَرْنَا احْتِمَالَهُ إيَّاهُ فِيمَا تَقَدَّمَ مِنَّا فِي هَذَا الْكِتَابِ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ خُزَيْمَةَ الْبَصْرِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا حُسَيْنٌ الأَشْقَرُ عَنْ أَبِي قَابُوسٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِ مَرْحَبٍ. حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْبَاغَنْدِيُّ قَالاَ: ثنا يُوسُفُ بْنُ مُبَارَكٍ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ عَنْ أَشْعَثَ عَنْ عَدِيِّ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ الْبَرَاءِ قَالَ: لَقِيتُ خَالِي مَعَهُ الرَّايَةُ فَقُلْتُ لَهُ: أَيْنَ تَذْهَبُ؟. فَقَالَ: أَرْسَلَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلَى رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ مِنْ بَعْدِهِ أَنْ آتِيَهُ بِرَأْسِهِ. حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ غِيَاثٍ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. وَحَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ رِجَالٍ, وَهَارُونُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْعَسْقَلاَنِيُّ قَالاَ: ثنا مُؤَمَّلُ بْنُ إهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا ضَمْرَةُ قَالَ حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الدَّيْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: أَتَيْنَا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِ الأَسْوَدِ الْعَنْسِيِّ الْكَذَّابِ فَقُلْت: يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ عَرَفْت مَنْ نَحْنُ فَإِلَى مَنْ نَحْنُ؟ قَالَ: إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَإِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم. : فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الآثَارَ فَوَجَدْنَا فِيهَا إتْيَانَ عَلِيٍّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِ مَرْحَبٍ وَهُوَ كَانَ أَحَدَ أَعْدَائِهِ, فَسَبَقَ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِهِ إلَيْهِ فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهِ. وَوَجَدْنَا فِيهَا أَمْرَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم خَالَ الْبَرَاءِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِرَأْسِ الَّذِي تَزَوَّجَ امْرَأَةَ أَبِيهِ بَعْدَ أَبِيهِ مِنْ الْمَوْضِعِ الَّذِي فِيهِ,. وَوَجَدْنَا فِيهَا إتْيَانَ الدَّيْلَمِيِّ وَأَصْحَابِهِ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِ الْعَنْسِيِّ الْكَذَّابِ, وَإِنَّمَا كَانَ إتْيَانُهُمْ بِهِ إلَيْهِ مِنْ الْيَمَنِ لِيَقِفَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى نَصْرِ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ وَعَلَى كِفَايَةِ الْمُسْلِمِينَ شَأْنَهُ وَكَانَ كِتَابُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، قَدْ دَلَّ عَلَى شَيْءٍ مِنْ هَذَا بِقَوْلِهِ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ إلَى قَوْلِهِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ وَبِقَوْلِهِ فِي آيَةِ الْمُحَارِبِينَ أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا وَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، لِيَشْتَهِرَ فِي النَّاسِ إقَامَةُ نَكَالِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ إيَّاهُمْ عَلَيْهِمْ فَكَانَ مِثْلَ ذَلِكَ إظْهَارُ رُءُوسِ مَنْ قُتِلَ عَلَى مَا فُعِلَ عَلَيْهِ الْمَحْمُولَةِ رُءُوسُهُمْ فِي الآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا فِي ذَلِكَ لِيَقِفَ النَّاسُ عَلَى النَّكَالِ الَّذِي نَزَلَ بِهِمْ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ:: فَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رضي الله عنه مَا يُخَالِفُ هَذَا وَذَكَرَ مَا حَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ عَنْ بَكْرِ بْنِ سِوَادَةَ أَنَّ عَلِيَّ بْنَ رَبَاحٍ حَدَّثَهُ أَنَّ عُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ قَالَ: جِئْت أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رضي الله عنه بِأَوَّلِ فَتْحٍ مِنْ الشَّامِ وَبِرُءُوسٍ فَقَالَ مَا كُنْت أَصْنَعُ بِهَذَا شَيْئًا. حَدَّثَنَا بَحْرُ بْنُ نَصْرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ أَنَّ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَشُرَحْبِيلَ بْنَ حَسَنَةَ بَعَثَاهُ إلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه بِرَأْسِ يَنَّاق بِطَرِيقِ الشَّامِ فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ أَنْكَرَ ذَلِكَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه فَقَالَ لَهُ عُقْبَةُ يَا خَلِيفَةَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنَّهُمْ يَصْنَعُونَ ذَلِكَ بِنَا فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ رضي الله عنه أَفَاسْتِنَانٌ بِفَارِسَ وَالرُّومِ لاَ تَحْمِلُوا إلَيَّ رَأْسًا إنَّمَا يَكْفِي الْكِتَابُ وَالْخَبَرُ. حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ قَالَ: ثني ابْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ, ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ. قَالَ فَهَذَا: أَبُو بَكْرٍ قَدْ أَنْكَرَ حَمْلَ الرُّءُوسِ إلَيْهِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ, وَإِنْ كَانَ قَدْ أَنْكَرَ ذَلِكَ فَقَدْ كَانَ حَامِلُوهُ شُرَحْبِيلُ بْنُ حَسَنَةَ وَعَمْرُو بْنُ الْعَاصِ وَعُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ بِحَضْرَةِ مَنْ كَانَ مَعَهُمْ مِنْ أُمَرَائِهِ عَلَى الأَجْنَادِ مِنْهُمْ يَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ وَمَنْ سِوَاهُ مِمَّنْ كَانَ خَرَجَ لِغَزْوِ الشَّامِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرُوا ذَلِكَ عَلَيْهِمْ, وَلَمْ يُخَالِفُوهُمْ عَلَيْهِ. فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى مُتَابَعَتِهِمْ إيَّاهُمْ عَلَيْهِ, وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ وَكَانُوا مَأْمُونِينَ عَلَى مَا فَعَلُوا فُقَهَاءَ فِي دِينِ اللهِ، تَعَالَى، كَانَ مَا فَعَلُوا مِنْ ذَلِكَ مُبَاحًا لِمَا رَأَوْا فِيهِ مِنْ إعْزَازِ دِينِ اللهِ وَغَلَبَةِ أَهْلِهِ الْكُفَّارَ بِهِ, وَكَانَ مَا كَانَ مِنْ أَبِي بَكْرٍ فِي ذَلِكَ مِنْ كَرَاهَتِهِ إيَّاهُ قَدْ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ لِمَعْنًى قَدْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ يَعْنِي عَنْ ذَلِكَ الْفِعْلِ وَقَدْ كَانَ رَأْيُهُ رضي الله عنه مَعَهُ التَّوْفِيقَ وَكَانَ مِثْلُ هَذَا مِنْ بَعْدُ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الأَئِمَّةِ الَّذِينَ يَحْدُثُ مِثْلُ هَذَا فِي إبَّانِهِمْ, فَيَفْعَلُونَ فِي ذَلِكَ مَا يَرَوْنَهُ صَوَابًا, وَمَا يَرَوْنَهُ مِنْ حَاجَةِ الْمُسْلِمِينَ إلَيْهِ, وَمِنْ اسْتِغْنَائِهِمْ عَنْهُ وَقَدْ كَانَ مِنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ فِي رَأْسِ الْمُخْتَارِ لَمَّا حُمِلَ إلَيْهِ تَرَكَ النَّكِيرَ فِي ذَلِكَ وَمَعَهُ بَقَايَا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا فِي ذَلِكَ عَلَى مِثْلِ مَا كَانُوا عَلَيْهِ. كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ وَبَحْرُ جَمِيعًا قَالاَ ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانُ قَالَ حَدَّثَنَا: أَبُو أُسَامَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ شِمْرِ بْنِ عَطِيَّةَ عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرِيد الَّذِي قَدِمَ بِرَأْسِ الْمُخْتَارِ عَلَى عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: فَلَمَّا وَضَعْتُهُ بَيْنَ يَدَيْهِ قَالَ: مَا حَدَّثَنِي كَعْبٌ بِحَدِيثٍ إِلاَّ وَجَدْتُهُ كَمَا حَدَّثَنِي إِلاَّ هَذَا فَإِنَّهُ حَدَّثَنِي أَنَّهُ يَقْتُلُنِي رَجُلٌ مِنْ ثَقِيفٍ, وَهَا هُوَ هَذَا قَدْ قَتَلْتُهُ قَالَ: الأَعْمَشُ, وَمَا يَعْلَمُ أَنَّ أَبَا مُحَمَّدٍ يَعْنِي الْحَجَّاجَ مُرْصَدٌ لَهُ بِالطَّرِيقِ, وَاَللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ عَنْ مَخْلَدِ بْنِ حُسَيْنٍ عَنْ هِشَامٍ عَنِ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ شَرِيكَ بْنَ سَحْمَاءَ بِامْرَأَتِهِ فَرَفَعَ ذَلِكَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ائْتِ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ, وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِك فَقَالَ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ أَنِّي لَصَادِقٌ قَالَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ لَهُ أَرْبَعَةٌ, وَإِلَّا حَدٌّ فِي ظَهْرِك قَالَ: وَاَللَّهِ يَا رَسُولَ اللهِ إنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ إنِّي لَصَادِقٌ, وَلَيَنْزِلَنَّ اللَّهُ عَلَيْك مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ قَالَ: فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ. حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ، قَالَ: حَدَّثَنَا بُنْدَارٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ قَالَ: أَنَا هِشَامٌ قَالَ: حَدَّثَنِي عِكْرِمَةُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ هِلاَلَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ امْرَأَتَهُ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ بْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: الْبَيِّنَةَ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِك فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ إذَا وَجَدَ أَحَدُنَا رَجُلاً عَلَى امْرَأَتِهِ الْتَمَسَ الْبَيِّنَةَ قَالَ: فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: الْبَيِّنَةَ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِك فَقَالَ هِلاَلٌ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنِّي لَصَادِقٌ, وَلَيَنْزِلَنَّ فِي أَمْرِي مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْجَلْدِ فَنَزَلَتْ آيَةُ اللِّعَانِ. فَفِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلُهُ لِهِلاَلِ بْنِ أُمَيَّةَ لَمَّا قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ قَذْفًا صَارَ بِهِ قَاذِفًا لَهَا, وَلِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ الْبَيِّنَةُ, وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِك أَوْ ائْتِ بِأَرْبَعَةٍ يَشْهَدُونَ, وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِك, لَمَّا كَانَ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ عَلَى الزَّوْجِ إذَا قَذَفَ امْرَأَتَهُ بِرَجُلٍ صَارَ بِهِ قَاذِفًا لَهَا, وَلِذَلِكَ الرَّجُلِ إتْيَانُ مَا أَمَرَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِهِ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ وَإِلَّا فَحَدٌّ فِي ظَهْرِك. فَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ عَلَى أَنَّ الَّذِي كَانَ وَجَبَ عَلَيْهِ فِي قَذْفِهِمَا جَمِيعًا حَدٌّ وَاحِدٌ كَمَا يَقُولُ فِي ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ وَأَصْحَابُهُمَا لاَ كَمَا يَقُولُهُ مَنْ سِوَاهُمَا فِي ذَلِكَ مِمَّنْ يَقُولُ عَلَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَدٌّ, وَهَذَا مُوَافِقٌ لِمَا كَانَ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَيْضًا فِي قَذْفِ عَائِشَةَ رضي الله عنها وَقَذْفِ الَّذِينَ رَمَوْهَا بِهِ أَنَّ حَدَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لِذَلِكَ حَدًّا وَاحِدًا لاَ حَدَّيْنِ. كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا عَيَّاشُ بْنُ الْوَلِيدِ الرَّقَّامُ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الأَعْلَى بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى السَّامِيُّ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللهِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ ابْنَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ لَمَّا نَزَلَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقُرْآنُ خَرَجَ فَجَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَتَلاَ عَلَى النَّاسِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لاَ تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ إلَى قَوْلِهِ عَذَابٌ عَظِيمٌ قَالَ, ثُمَّ نَزَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَ بِرَجُلَيْنِ وَامْرَأَةٍ فَضُرِبُوا حَدَّهُمْ ثَمَانِينَ ثَمَانِينَ, وَهُمْ الَّذِينَ تَوَلَّوْا كِبَرَ ذَلِكَ وَقَالُوا بِالْفَاحِشَةِ حَسَّانُ وَمِسْطَحٌ وَحَمْنَةُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَقَدْ كَانَ أَيْضًا مِمَّنْ ذَهَبَ إلَى هَذَا الْقَوْلِ فَوْقَ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ: أَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ فِي رَجُلٍ قَذَفَ جَمَاعَةً: إنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ إِلاَّ حَدٌّ وَاحِدٌ, وَلاَ نَعْلَمُ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم, وَلاَ مِنْ تَابِعِيهِمْ فِي هَذَا الْمَعْنَى خِلاَفَ هَذَا الْقَوْلِ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ الْكَيْسَانِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ بَكْرٍ وَثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ وَمُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنُ الْحَوَّارِ قَالاَ ثنا أَبُو نُعَيْمٍ (ح) وَحَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ إدْرِيسَ وَصَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالاَ: ثنا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ قَالُوا: ثنا مُوسَى بْنُ عَلِيٍّ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ، وَقَالَ بَكْرٌ وَصَالِحٌ فِي حَدِيثِهِمَا، قَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يُحَدِّثُ عَنْ عُقْبَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ أَيَّامَ الأَضْحَى, وَأَيَّامَ التَّشْرِيقِ وَيَوْمَ عَرَفَةَ عِنْدَنَا أَهْلَ الإِسْلاَمِ أَيَّامُ أَكْلٍ وَشُرْبٍ. فَكَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إدْخَالُ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ عَرَفَةَ فِي أَيَّامِ أَعْيَادِ الْمُسْلِمِينَ, وَإِعْلاَمُهُ إيَّاهُمْ أَنَّهُ يَوْمُ طُعْمٍ وَشُرْبٍ كَمَا أَعْلَمَهُمْ فِي بَقِيَّتِهَا أَنَّهَا أَيَّامُ طُعْمٍ وَشُرْبٍ. فَتَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا سَائِرَ الأَيَّامِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ سِوَى يَوْمِ عَرَفَةَ مَخْصُوصَةً بِمَعْنًى يُتَقَرَّبُ إلَى اللهِ، سُبْحَانَهُ، بِهِ فِيهَا مِنْ صَلاَةٍ, وَمِنْ نَحْرٍ, وَمِنْ تَكْبِيرٍ يَعْقُبُ الصَّلَوَاتِ الْفَرَائِضَ اللَّاتِي يُصَلِّي فِيهَا فَكَانَتْ بِذَلِكَ أَعْيَادًا لِلْمُسْلِمِينَ, وَلَمْ يَجُزْ صَوْمُهَا لِذَلِكَ,. وَوَجَدْنَا يَوْمَ عَرَفَةَ فِيهِ أَيْضًا سَبَبُ مَا يُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ فِي غَيْرِهِ مِنْ الأَيَّامِ وَهُوَ الْوُقُوفُ بِعَرَفَةَ لِلْحَجِّ, وَكَانَ ذَلِكَ مِمَّا لَيْسَ فِي سَائِرِ الْبُلْدَانِ سِوَى عَرَفَةَ وَكَانَ مَا خُصَّتْ بِهِ الأَيَّامُ الْمَذْكُورَةُ فِي حَدِيثِ عُقْبَةَ سِوَاهُ يَسْتَوِي حُكْمُهَا فِي الْبُلْدَانِ كُلِّهَا فَعَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّهَا أَعْيَادٌ فِي الْبُلْدَانِ كُلِّهَا فَلَمْ يَصْلُحْ صَوْمُهَا فِي شَيْءٍ مِنْهَا, وَكَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ عِيدًا فِي مَوْضِعٍ خَاصٍّ دُونَمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ فَلَمْ يَصْلُحْ صَوْمُهُ هُنَالِكَ, وَصَلُحَ صَوْمُهُ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الْمَوَاضِعِ وَشَدَّ ذَلِكَ مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَصْدِهِ بِالنَّهْيِ عَنْ صَوْمِهِ إلَى عَرَفَةَ. كَمَا حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد وَكَمَا قَدْ ثنا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد وَمُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الْمَكِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالاَ: ثنا حَوْشَبُ بْنُ عَقِيلٍ عَنْ مَهْدِيٍّ الْهَجَرِيِّ عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ: كُنَّا مَعَ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي بَيْتِهِ فَحَدَّثَنَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ. فَكَانَ هَذَا شَاذًّا لِمَا ذَكَرْنَا, وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ عَرَفَةَ لَيْسَ بَعِيدٍ فِيمَا سِوَى عَرَفَةَ كَانَ صَوْمُهُ فِيمَا سِوَى عَرَفَةَ مُطْلَقًا وَكَانَ مَنْ صَامَهُ فِيمَا سِوَى عَرَفَةَ مِمَّنْ قَدْ دَخَلَ فِيمَنْ وَعَدَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالثَّوَابِ عَلَى صَوْمِهِ الْمَذْكُورِ فِي حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ الَّذِي حَدَّثَنَاهُ بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحٌ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ قَالَ: سَمِعْت غَيْلاَنَ بْنَ جَرِيرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ صَوْمِ يَوْمِ عَرَفَةَ فَقَالَ: يُكَفِّرُ السَّنَةَ الْمَاضِيَةَ, وَالْبَاقِيَةَ. وَاَلَّذِي حَدَّثَنَاهُ إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبِي قَالَ: سَمِعْت غَيْلاَنَ بْنَ جَرِيرٍ يُحَدِّثُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَعْبَدٍ الزَّمَانِيِّ عَنْ أَبِي قَتَادَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إنِّي لاََحْتَسِبُ عَلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي صِيَامِ يَوْمِ عَرَفَةَ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ:: فَقَدْ رَأَيْنَا مَنْ صَامَ يَوْمَ عَرَفَةَ بِعَرَفَةَ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ أَجْزَأَهُ صَوْمُهُ مِنْهُ وَلَمْ يَكُنْ كَمَنْ صَامَ يَوْمًا مِنْ تِلْكَ الأَيَّامِ الآُخَرِ عَنْ وَاجِبٍ عَلَيْهِ لاَ يُجْزِئُهُ صَوْمُهُ مِنْهُ فَكَيْفَ افْتَرَقَتْ أَحْكَامُهَا وَهِيَ مَجْمُوعَةٌ بِمَعْنًى وَاحِدٍ فِي حَدِيثٍ وَاحِدٍ؟. فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الأَشْيَاءَ قَدْ تُجْمَعُ فِي شَيْءٍ وَاحِدٍ وَأَحْكَامُهَا فِي أَنْفُسِهَا مُخْتَلِفَةٌ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ اللهِ، عَزَّ وَجَلَّ، حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ قُرَّةَ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ الرُّعَيْنِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ عَنِ الأَعْمَشِ (ح) وَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ خُزَيْمَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إشْكِيبَ الْكُوفِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ, ثُمَّ اجْتَمَعَا فَقَالاَ: عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنِ الأَسْوَدِ، عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ مَا رَأَيْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم صَائِمًا فِي الْعَشْرِ قَطُّ فَقَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ تَقْبَلُونَ هَذَا, وَأَنْتُمْ تَرْوُونَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِي فَضْلِ الْعَمَلِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ مَا تَرْوُونَ عَنْهُ فِيهِ فَذَكَرَ مَا قَدْ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ قَالَ: أَنَا أَصْبَغُ بْنُ زَيْدٍ الْوَرَّاقُ، قَالَ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَدِّثُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: مَا مِنْ عَمَلٍ أَزْكَى عِنْدَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلاَ أَعْظَمَ مَنْزِلَةً مِنْ خَيْرِ عَمَلٍ فِي الْعَشْرِ مِنْ الأَضْحَى قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ وَلاَ مَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ قَالَ: وَلاَ مَنْ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ إِلاَّ مَنْ لَمْ يَرْجِعْ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ الأَزْدِيُّ الْبَاغَنْدِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ قَالَ: أَنَا مَسْعُودُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ تَعَالَى وَلاَ أَحَبُّ إلَيْهِ فِيهِنَّ الْعَمَلُ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ أَيَّامِ الْعَشْرِ فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّحْمِيدِ وَالتَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سُلَيْمَانَ أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مُهَاجِرٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بَابَاهُ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما قَالَ: كُنْت عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرْت الأَعْمَالَ فَقَالَ: مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ فِيهِنَّ الْعَمَلُ مِنْ هَذِهِ الْعَشْرِ قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ وَلاَ الْجِهَادُ؟ فَأَكْبَرَهُ وَقَالَ: وَلاَ الْجِهَادُ إِلاَّ أَنْ يَخْرُجَ الرَّجُلُ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ فِي سَبِيلِ اللهِ, ثُمَّ تَكُونُ مُهْجَةُ نَفْسِهِ فِيهِ. وَمَا قَدْ حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَيْضًا، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَرْزُوقُ يَعْنِي ابْنَ مِرْدَانَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مَا مِنْ أَيَّامٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللهِ مِنْ أَيَّامِ الْعَشْرِ قَالُوا: وَلاَ مِثْلُهَا فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: إِلاَّ مَنْ عَفَّرَ وَجْهَهُ فِي التُّرَابِ. قَالَ فَكَيْفَ أَنْ يَكُونَ لِلْعَمَلِ فِي هَذِهِ الأَيَّامِ مِنْ الْفَضْلِ مَا قَدْ ذَكَرَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فِيهَا, ثُمَّ يَتَخَلَّفُ عَنْ الصَّوْمِ فِيهَا, وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ الأَعْمَالِ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ: بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ صلى الله عليه وسلم لَمْ يَكُنْ يَصُومُ فِيهَا عَلَى مَا قَالَتْ عَائِشَةُ رضي الله عنها; لأَنَّهُ كَانَ إذَا صَامَ ضَعُفَ عَنْ أَنْ يَعْمَلَ فِيهَا مَا هُوَ أَعْظَمُ مَنْزِلَةً مِنْ الصَّوْمِ, وَأَفْضَلُ مِنْهُ مِنْ الصَّلاَةِ, وَمِنْ ذِكْرِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ كَمَا قَدْ رُوِيَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه فِي ذَلِكَ مِمَّا كَانَ يَخْتَارُهُ لِنَفْسِهِ. كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ وَوَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ قَالاَ: أَخْبَرَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ عَبْدَ اللهِ كَانَ لاَ يَكَادُ يَصُومُ فَإِذَا صَامَ صَامَ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ وَيَقُولُ: إنِّي إذَا صُمْتُ ضَعُفْتُ عَنْ الصَّلاَةِ وَالصَّلاَةُ أَحَبُّ إلَيَّ مِنْ الصَّوْمِ. فَيَكُونُ مَا قَدْ ذَكَرَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها عَنْهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ تَرْكِهِ الصَّوْمَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ لِيَتَشَاغَلَ فِيهَا بِمَا هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ, وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ فِيهَا لَهُ مِنْ الْفَضْلِ مَا لَهُ مِمَّا قَدْ ذُكِرَ فِي هَذِهِ الآثَارِ الَّتِي قَدْ ذَكَرْنَاهَا فِيهِ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَانِعٍ أَحَدًا مِنْ الْمَيْلِ إلَى الصَّوْمِ فِيهَا لاَ سِيَّمَا مَنْ قَدَرَ عَلَى جَمْعِ الصَّوْمِ مَعَ غَيْرِهِ مِنْ الأَعْمَالِ الَّتِي يُتَقَرَّبُ بِهَا إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ سِوَاهُ. وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ. حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي يُونُسُ بْنُ يَزِيدَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِي سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْت رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ هُوَ لَهُ إِلاَّ الصِّيَامَ هُوَ لِي, وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، كَأَنَّهُ يَحْكِيهِ عَنْ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاَلَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَخُلْفَةُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. حَدَّثَنَا بَكَّارَ، قَالَ: حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ سُلَيْمَانَ عَنْ ذَكْوَانَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: يَقُولُ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ، الصَّوْمُ لِي, وَأَنَا أَجْزِي بِهِ يَدَعُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ مِنْ أَجَلِي وَشَهْوَتَهُ لِي, وَالصَّوْمُ لِي, وَأَنَا أَجْزِي بِهِ وَلَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ. فَقَالَ قَائِلٌ: أَفَتَعُدُّونَ الصِّيَامَ مِنْ الأَعْمَالِ؟ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ أَنَّ قَوْمًا مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ يَقُولُونَ: إنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ بِعَمَلٍ لأَنَّهُ إنَّمَا هُوَ تَرْكُ أَشْيَاءَ لِلَّهِ، تَعَالَى، يُثِيبُ اللَّهُ، تَعَالَى، تَارِكَهَا عَلَى تَرْكِهِ إيَّاهَا لَهُ مَا يُثِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا يُثِيبُ ذَوِي الأَعْمَالِ الْمَحْمُودَةِ مَا يُثِيبُهُمْ عَلَيْهَا وَاَلَّذِي قَالَ مِنْ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ وَقَدْ ذَهَبَ ذَاهِبٌ إلَى أَنَّ هَذَا الصَّوْمَ لَمَّا لَمْ يَكُنْ عَمَلاً لَمْ يَكُنْ مِنْ الْعَمَلِ الْمَذْكُورِ فِي أَيَّامِ الْعَشْرِ عَلَى مَا فِي الآثَارِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِيهِ فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ وَذَهَبَ إلَى أَنَّ الْعَمَلَ الْمَذْكُورَ فِيهَا هُوَ الْعَمَلُ مِنْ الصَّلاَةِ, وَمِنْ الذِّكْرِ وَمِمَّا أَشْبَهَ ذَلِكَ, وَأَنَّ الصِّيَامَ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِيمَا أُرِيدَ بِهِ فِيهَا إذْ كَانَ لَيْسَ بِعَمَلٍ, وَاَلَّذِي قَالَ: مِنْ ذَلِكَ مُحْتَمَلٌ لِمَا يُقَالُ. فَقَالَ قَائِلٌ فَإِنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ الَّذِي ذَكَرْتُهُ فِي هَذَا الْبَابِ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الصَّوْمَ عَمَلٌ مِنْ الأَعْمَالِ; لأَنَّ فِيهِ كُلَّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ فَإِنَّهُ لَهُ إِلاَّ الصَّوْمَ فَكَانَ الصَّوْمُ مُسْتَثْنًى مِنْ الأَعْمَالِ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّهُ مِنْهَا فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ الَّذِي فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ قَوْلِهِ إِلاَّ الصِّيَامَ فَإِنَّهُ لِي لَيْسَ عَلَى الاِسْتِثْنَاءِ وَلَكِنَّهُ بِمَعْنَى وَلَكِنَّ الصِّيَامَ هُوَ لِي, وَأَنَا أَجْزِي بِهِ; لأَنَّ إِلاَّ قَدْ تَكُونُ فِي مَوْضِعِ لَكِنْ, وَيَكُونُ مَعْنَاهَا بِخِلاَفِ مَعْنَى إِلاَّ فِي مَوْضِعِ الاِسْتِثْنَاءِ وَقَدْ جَاءَ كِتَابُ اللهِ، تَعَالَى، بِذَلِكَ قَالَ اللَّهُ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَذَكِّرْ إنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْت عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ. فَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ عَلَى الاِسْتِثْنَاءِ وَلَكِنَّهُ فِي مَوْضِعِ وَلَكِنْ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ وَ " إِلاَّ " الَّتِي هِيَ اسْتِثْنَاءٌ كَقَوْلِهِ، عَزَّ وَجَلَّ، وَالْعَصْرِ إنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إلَى آخِرِ السُّورَةِ, وَالْعَلاَمَةُ الَّتِي يُعْلَمُ بِهَا اخْتِلاَفُ هَذَيْنِ الْمَعْنَيَيْنِ أَنَّهُ إذَا كَانَ بَعْدَ الْمَذْكُورِ بِإِلَّا خَبَرٌ فَهُوَ بِمَعْنَى لَكِنْ قَالَ اللَّهُ، عَزَّ وَجَلَّ: إِلاَّ مَنْ تَوَلَّى وَكَفَرَ فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الأَكْبَرَ وَمَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ خَبَرٌ فَهُوَ اسْتِثْنَاءٌ كَمَا قَدْ تَلَوْنَا فِي وَالْعَصْرِ, وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ.
|